الأربعاء، 7 سبتمبر 2011

لماذا نكرهه و أطحنا به

لا أعرف من أين أبداء فكلما رجعت بالذاكرة إلى الوراء وجدت مبررات كرهه والإطاحة به مازالت موغلة في التاريخ و لكي لا أكون متجني ولا مبالغ سأسوق فقط مبررات الإطاحة به التي عاصرتها و التي أنا مطلع على وثائقها و إثباتاتها ومستمع لشهود عيان عليها .

ولكي لا أتحدث بدوافع وأغراض شخصية سأتحدث فقط عن ما مس من أفعاله بلادي و أهلى و شعبي وأمتي وما يبرر كرهه و الإطاحة به .

ولنبدأ بالحرب على تشاد

لا يخفي على كل ذي بصيرة أن الحرب التى خاضها الجيش الليبي مرتين في تشاد أوائل ثم أواخر ثمانينيات القرن العشرين كانت في إطار الطموحات التي استبدت آنذاك بالمقيت معمر القذافي في التوسع عسكرياً لبناء أمجاد شخصية "أمبراطورية" قائمة على حسابات خاطئة وأوهام زائفة من و أولها وهم تصدير الثورة. والأدهى من ذلك وأمر أن تلك المغامرات ـ إلى جانب الهزيمة العسكرية المهينة والخسائر البشرية والمادية الضخمة ـ كانت على حساب أرواح ضباط وجنود القوات المسلحة الليبية وثروة الشعب الليبي وآلاف المجندين والمجيشين من المدنيين الأبرياء. فلم تكن بين الشعبين الليبي والتشادي أي خصومة أو صراع على حدود أو ثروة. ولم يشتك أى ليبي من جاره التشادي. فقد كان التشاديون نعم الإخوة والجيران. فقد آووا ورحبوا بالقبائل الليبية المهاجرة مثل قبائل أولاد سليمان، والقذاذفه وجاهدوا مع إخوانهم الليبيين ضد الغزو الإيطالي والفرنسي، وعلى رأس هؤلاء المجاهدين التشاديين (قجة عبدالله) رفيق شيخ الشهداء عمر المختار في الجهاد ضد الطليان.

ولكن، ما أن استقر الأمر للمقيت القذافي في ليبيا وتمكن من السيطرة التامة سياسياً ومالياً على الأوضاع داخل ليبيا في أواخر السبعينيات حتى أخذ يتجه إلى مناوشة الدول المجاورة والتدخل في شئونها الداخلية، أحياناً تحت شعار "الوحدة العربية" وأحياناً تحت شعار "التحرر من الاستعمار"، وتطورت المغامرة إلى غزو بلد آمن وقتل شعب طيب. لقد كانت الحرب مع تشاد كارثة وطنية بكل المقاييس قتل فيها ما لا يقل عن 6000 ضابط وجندي ليبي من أصل 15,000 أرسلوا هناك. وأسر المئات وضاعت مئات الملايين من الدولارات في الصحراء.

ومن المضحك المبكي أن المقيت القذافي وقف وبدون خجل أو أسى في 1 سبتمبر 1987 يخاطب الليبيين ويبشرهم باستعادة واحة أوزو يوم 28 أغسطس 1987 (وهذا صحيح) ويقول لهم أيضاً بأنه قادر على الدخول إلى قلب إنجامينا ونزع السلاح من كل التشاديين!! ولكنه كعادته في المواربة والخداع لم يخبر الليبيين عن ثمن ذلك الانتصار المبالغ فيه. فقد قتل 842 جندياً ليبياً وأسر 122 بمن فيهم ضباط قيادة منطقة أوزو بالكامل وذلك في المعارك التى دارت في محيط واحتي (أوزو) و(برداي) في الفترة من 8 إلى 21 أغسطس 1987.

كذلك لم يخبرهم "القائد الفاشل" عن الـ784 جندياً الذين قتلوا في أوائل يناير 1987 في المعارك حول مدينة (فـادا) ولا عن 193 جندياً الذين قتلوا في واحة (زوار) في 23 يناير 1987 ولا عن الـ786 جندياً الذين قتلوا وأسر 121 في (بير كوران) يومي 19 و20 مارس 1987، بمن فيهم كتيبة قوات صاعقة مكونة من نحو 300 مقاتل أبيدت عن بكرة أبيها، ولم ينج منهم سوى قائد الكتيبة الذى انسحب من أرض المعركة مع معاونيه، ولا عن الذين قتلوا في معركة (وادي الدوم) التي دارت رحاها يوم 22 مارس 1987 وقتل فيها 1,269 جندياً ليبياً وأسر 438 ولا عن 274 جنديا قتلوا وأسر 16 في معركة (فايا لارجو) يوم 27 مارس 1987. هذه ليست أحصائية كاملة فهناك العشرات ممن قتلوا في مناطق أخرى وتاه العشرات في الصحراء وماتوا عطشا، ومات العديد من الجنود مسمومين من جراء شربهم لمياه كانوا قد وضعوها في دانات المدافع الفارغة.

وبينما كان المقيت القذافي يحتفل باستعادة واحة أوزو في 1 سبتمبر 1987 تسللت القوات التشادية يوم 5 سبتمبر مائة كيلومتر داخل الأراضي الليبية وبمناورة التفافية اقتحمت قاعدة (معطن السارة) وقتلت 1,713 جنديا ليبياً وأسرت 300. ولولا لطف الله لكانت الكارثة أكبر. فقبل يومين من المعركة غادر القاعدة 200 طالب من طلاب مدرسة على وريث الثانوية بطرابلس كانوا هناك في دورة تدريبية.

وقد استمرت الخسائر للشعب الليبي والتشادي فى الأرواح والممتلكات والمال واستمرت الآلام والاحزان حتى فبراير 1994 عندما قام المقيت القذافي بتسليم قطاع أوزو البالغة مساحته 70,000 كيلومتر مربع لتشاد بعد صدور حكم من محكمة العدل الدولية لصالح تشاد. هذا القطاع الذى كلف الخزانة الليبية أكثر من ملياري دولار وقتل من أجله آلاف الليبيين، ووقع المئات منهم في الأسر حيث عومل بعضهم معاملة العبيد. فقد كان الضابط التشادي يختار أحد الأسرى الليبيين ليكون خادماً له يحضر له الشاي والأكل ويغسل ملابسه. ومن هؤلاء الأسرى من لا يُعرف مصيره حتى اليوم.

والمقيت القذافي هو من يتحمل مسؤولية زجه بأولئك الضباط والجنود والمجندين في حرب عشوائية لا مبرر ولا هدف أو مكسب منطقي لها ولم تكن تدار بناء على خطط واستراتيجيات مدروسة و كذلك كامل المسؤولية على موت الآلاف منهم في المعارك ومعاناة من بقي منهم على قيد الحياة وذاق الأمرين في القتال والأسر والغربة.

وهو المسؤول عن موت الاف من التشاديين وتدمير ممتلكاتهم وفقدان أموالهم وتشريدهم.

و النتيجة الوحيد للحرب هي أن المقيت القذافي قائد فاشل وغير جدير بالقيادة بالمطلق و ليذهب غير مأسوف عليه .

وحُق لنا أن نكرهه و نطيح به .

وللحديث بقية


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق